من مدينة الرقة.. صوت النساء يعبر ركام الحرب نحو سوريا جديدة
من مدينة الرقة.. صوت النساء يعبر ركام الحرب نحو سوريا جديدة
في مدينة كانت ذات يوم مرادفًا للدمار وتحت سيطرة "داعش"، تصاعد صوت نسائي مختلف، قويّ، وجريء.. صوت يسعى لإعادة تشكيل مصير وطن مشتّت ونساء نُزعت من حياتهن البسيطة كل أشكال الاستقرار.
على وقع مآسي النزوح وذاكرة الطغيان، اجتمعت نساء من مختلف الخلفيات في ندوة حوارية حملت عنوانًا واضحًا: "من الرقة.. صوت النساء من أجل سوريا حرة ديمقراطية"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الثلاثاء.
توافدت المشاركات، في قاعة متواضعة لكن مشحونة بالأمل، منهن نساء مهجرات من السويداء، ونساء حملن قصصًا عن الخسارات، عن المجازر، وعن كيف يصبح صوت المرأة هو ما يتبقى حين يصمت كل شيء آخر.
المرأة ليست ضحية فقط
افتتحت سما بكداش، الإدارية في حزب الاتحاد الديمقراطي، الندوة بكلمات أثقلتها الذاكرة السياسية والألم المجتمعي.
تحدثت عن التحولات الكبرى في سوريا، من انتفاضات واحتجاجات، إلى طائفية وحرب أهلية. لكنها عادت لتذكّر أن وسط هذا الركام، برزت النساء كمحور مقاومة ورؤية بديلة.
وأضافت: "ما حدث في السويداء ليس فقط اعتداءً على الطائفة الدرزية، بل هو اعتداء على النسيج السوري كله، والمرأة في قلب هذا النسيج".
من الخوف إلى القيادة
قالت هالة فارس، الإدارية في مكتب العلاقات الدبلوماسية، على هامش الجلسة: "نحن نعيش لحظة مفصلية.. لحظة تثبت فيها المرأة أنها ليست تابعًا، بل شريكة في مستقبل سوريا. السلام لن يُبنى من مكاتب السياسيين فقط، بل من أصوات النساء اللواتي فقدن ونجون، وربين أبناءهن وسط النار".
وأكدت أن المرأة اليوم باتت تفرض حضورها لا كرمز ناعم، بل كفاعل سياسي، "إذا لم تكن النساء جزءًا من صياغة الدستور الجديد، فستكون هذه الوثيقة منقوصة من روحها".
عندما بدأت شهادات المهجرات من السويداء، خيّم صمت ثقيل، امرأة في الأربعين من عمرها، قالت بصوت خافت: "جاؤوا ليلًا، لم يسألونا عن ديننا ولا عن موقفنا، فقط كنا نساءً.. وهذا كان كافيًا ليجعلونا أهدافًا".
تحدثت عن مشاهد قتل، عن أطفال يبحثون عن أمهاتهم، عن نساء خُطفن واختفين. لكنها ختمت بقولها: "اليوم أتكلم لأني نجوت، لكن أتكلم أكثر لأجل من لم ينجُ".
الإدارة الذاتية كنموذج للسلام
تحدثت فاطمة خليل، عضو حزب الاتحاد الديمقراطي، عن تجربة النساء في مناطق الإدارة الذاتية شمال وشرق سوريا.
قالت فاطمة: "كنا مهمشات قبل الثورة، قبل روج آفا، لكننا اليوم نملك أدوات التغيير، حان الوقت لنقل هذه التجربة إلى باقي سوريا، حيث السلام يقوم على التعايش، لا على الغلبة".
ورفضت بشكل واضح "أي مشروع تقسيمي أو قوموي"، مضيفة: "لن نكون حطبًا في محرقة رجال السياسة، هذه بلادنا، وهذه حريتنا، وسنكتبها بأنفسنا".